google-site-verification=lOlmdetj4fHzhz-NU-ox4dVLX7jhyyv_fPVlXSA7c2Q
Cancel Preloader
النمو الجنسي للطفل

تقديم

على الرغم من مرور حوالي القرن على أعمال سيغموند فرويد، تبقى أطروحة التحليل النفسي، تصورا لا غنى عنه للوقوف على النمو الجنسي للطفل في التعليم الاولي. وعلى الرغم من كل ما قيل عن هذه النظرية، والانتقادات التي وجهت إلى أسسها العلمية. لابد من الاعتراف أن فرويد كان له السبق في إثارة اهتمام السيكولوجيين بعده إلى أهمية هذا البعد . ليس فقط في معرفتنا بالطفل، بل وكذلك بالراشد. حيث أن الكثير من الأعراض النفسية التي يسقط ضحيتها هذا الأخير، تغرس جذورها في مرحلة الطفولة. خاصة ما يتعلق بالرغبات الجنسية وما تتعرض له من كبت. وسنحاول بتلخيص مركز الوقوف على أهم تجليات البعد الجنسي عند أطفال هذه المرحلة، حتى تكتمل لدينا صورة طفل التعليم الأولي

يقول سيغموند فرويد؛

لا نعثر في المؤلفات التي تكاثرت في الآونة الأخيرة حول نمو الطفل ، فصلا يعالج النمو الجنسي الطفلي

سيغموند فرويد   ت : جورج طرابيشي  ” ثلاث مباحث في نظرية الجنس ” دار
      الطليعة للطباعة والنشر  بيروت 1981    ص : 48

مراحل تطور النمو الجنسي للطفل

أول ما يجب أخذه بعين الاعتبار، عند الحديث عن الغريزة الجنسية في مفهومها الفرويدي، هو

أنها أكثر اتساعا من التصور السائد. فهي لا تنحصر في الجهاز التناسلي واستثارته. بل تتجاوز

ذلك، لتشمل مناطق أخرى من الجسم ممكن أن تتركز فيها عملية الاستثارة. ويمكن التخلص

فيها من التوتروهي ما يسميه فرويد بالمناطق الشبقية. وهي ثلاث رئيسية، تشير إلى ثلاث

مراحل من تطور الغريزة الجنسية لدى الطفل؛

المرحلة الفمية

والمرحلة الشرجية

ثم المرحلة القضيبية؛

وسنركز على المرحلة الأخيرة للاعتبارات التالية؛

أ- ذلك لأن كلامنا هو عن الخصوصيات السيكولوجية لأطفال ما بين الثالثة والسادسة. وهي مرحلة تجاوزت ( مع شيء من التحفظ) المرحلة الفمية وكذا الشرجية. فبالرغم أن فرويد لا يتحدث عن نهاية أو بداية مطلقة لهذه المراحل، إلا أنه يمكن اعتبار طفل الروض قد بدأ باكتشاف وجود حقيقة واقعية خارجية ومستقلة عنه. والتي عليه أن يأخذها بعين الاعتبار، إذا أراد أن يصل إلى أهدافه. وهو ما يعبر عنه بالمصطلحات الفرويدية، أن مبدأ الواقع بدأ يأخذ مكانه ليعارض مبدأ اللذة وهو ما كان مسيطرا في المرحلتين السابقتين؛

ب- وكذلك للأهمية التي يوليها فرويد لهذه المرحلة . وذلك لأثرها على مراحل العمر اللاحقة

حتى الرشد . ذلك أنه في هذه المرحلة تتمظهر عقدة أوديب بكل تجلياتها وهي بالنسبة للتحليل

النفسي الفرويدي أساس كل عصاب مستقبلي؛ يقول فرويد؛

في هذه الفترة التي تدرك فيها حياة الطفل الجنسية ، أول ذرى

تفتحها – ما بين الثالثة والخامسة –  تظهر بواكير نشاط تحض عليه غريزة البحث والمعرفة … فالطفل ينجذب إلى

المشكلات الجنسية بقوة لا متوقعة يمكننا معها القول أن هذه المشكلات هي التي توقظ ذكاءه

سيغموند فرويد  ” ثلاث مباحث في نظرية الجنس ”  المرجع السابق   ص : 68

خصوصيات النمو الجنسي للطفل

اعتمادا على هذا الرأي يمكن القول، إن الكثير من سلوكيات الأطفال التي نعاينها. والكثير من

مظاهر ذكائهم، يمكن التعامل معها كتجليات للبعد الجنسي. أو تفسيرها اعتمادا على الجهاز المفاهيمي للتحليل النفسي. فما هي أهم خصوصيات ما نحن بصدده حسب هذا الموقف ؟

أولا، هناك تحول العلاقة الأبوية، إلى أنا أعلى عبر التوحد أو التقمص   بمعنى استدماج الأنا

لأنا آخر غريب فيسلك الأول كالآخر ويقلده؛

وهذا التقمص هو غير الاختيار الغريزي. لأنه عندما يتقمص الطفل أباه، فإنه يريد أن يكون مثله. لكن عندما يجعله موضوع اختياره الغريزي، فإنه يريد أن يكون له، و أن يتملكه. فالتقمص والاختيار الغريزي مستقلان، ورغم ذلك ،يمكن للطفل أن يتقمص من إختاره موضوعا لرغباته الجنسية  إن الأنا الأعلى كمستوى ثالث من الجهاز النفسي والذي يتكون في هذه المرحلة عبر الثواب والعقاب الأبوي واستدماج سلطتهما الخارجية، هو المسؤول عن قدرة الطفل التمييز بين الحسن والقبيح . ودخوله عالم الثقافة وكذا عن الكثير من أنواع الصراع النفسي

و

ثانيا، التناقض الوجداني وهو من أهم سمات المرحلة الأوديبية. ويعني تذبذب الطفل بين ميلين متعارضين كل منهما يشده في اتجاهه. حيث يحب الطفل أمه ويرغب فيها ويريد أن يتملكها. وفي نفس الوقت، يحس أن هذه الرغبة محرمة عليه. وأن أمه لاتمتلك خصائص الذكورة. فيتحول عنها نحو أبيه الذي يرى فيه في الأول غريما له في حب الأم ومنافسا، فيتمنى رحيله وموته. لكنه في الوقت نفسه يدرك قوته ويخاف عقابه. فيتقرب إليه ويتقمص شخصيته. أي أن علاقة الطفل بأبويه في هذه المرحلة علاقة متوترة حيث يشعر اتجاه أمه بحب ممزوج بالشعور بالذنب والشفقة. واتجاه أبيه بكراهية فيها خوف وإعجاب. ولهذه الميولات وكيفية تجاوزها وتعامل الوالدين معها، أثر بالغ على الصحة النفسية ونمو الشخصية بشكل عام

ثالثا، قلق الخصاء  ويتمثل في الخوف من فقدان القضيب، كعقاب على ذنب اقترفه الصبي

(الرغبة الجنسية الآثمة في امتلاك الأم و إبعاد الأب ). وهذا القلق مرتبط باكتشاف الفروق

التشريحية الجنسية بين الذكر والأنثى؛ يقول فرويد؛

لا يشك الصبيان الصغار على الإطلاق أن كل الأشخاص الذين يلتقونهم لهم جهاز تناسلي مماثل لجهازهم .. يتمسك

الصبيان الصغار بعناد بهذا الاعتقاد ويذوذون عنه ضد كل الوقائع المناقضة التي لا تلبث المشاهدة أن تكشف لهم عنها…؛

إن افتراض وجود جهاز تناسلي واحد ( عضو الذكورة لدى بني الإنسان قاطبة ) هو أول نظرية من نظريات الجنسية الطفلية

سيغموند فرويد ” ثلاث مباحث في نظرية الجنس ” المرجع السابق ص : 69
و

إن أطفال هذه المرحلة ذكورا كانوا أم إناثا يفترضون جميعهم، وجود جهاز تناسلي واحد هو العضو الذكري. هذا الافتراض، يجعل الولد يحس عند اكتشاف فقدان البنت لهذا العضو بنوع من الزهو ويلجأ إلى الاستعراضية. كذلك يحس بنوع من الشفقة عليهن لأنهن تعرضن لهذا العقاب. لكن هذه الشفقة سرعان ما تتحول إلى ذاته. فيخشى أن يحصل له ما حصل لهن. وهذا الإحساس هو ما يسمى بقلق الخصاء. أما بالنسبة للبنت، فإنها عندما تكتشف أنها فاقدة للعضو، تحس بنوع من الذنب. وتحاول البحث عن الخطأ الذي ارتكبته وأدى إلى بتر عضوها. وتحسد الولد على خصائصه الجنسية. وهذا ما يضعف شحنتها الموجبة نحو الأم فتتجه بعاطفتها نحو الأب الذي يمتلك عضوا لا تمتلكه وهذا ما يعرف ب(غيرة القضيب) و إنها لحالة مماثلة ونظيرة لقلق الإخصاء عند الولد. وهي المسؤولة عند البنت على الدخول في مركب أوديب عكس الذكر

رابعا، يتعلق الأمر بالتساؤلات ذات الأساس الجنسي التي تسيطر على خيال الطفل ( النمو الجنسي للطفل ). وتخلق لديه مشاكل. أولها مشكلة الحمل والولادة. حيث يتساءل كيف يأتي الأطفال ؟ وكيف يتكونون ؟ وذلك لأنه في هذا الطور يجهل دور الرجل في عملية الولادة. فيضع بشأنها فرضيات متباينة. فتكثر أسئلته، ولا يجد في أجوبة الراشد إلا نوعا من الغموض. يجعله يحس أنه يتعامل مع موضوع غامض، ومحرم على مثله. ثاني هذه التساؤلات يتعلق بما يفعله الآباء عندما يكونان لوحدهما. بحيث يكتشف من ملاحظاته أن هناك علاقة عاطفية وجسدية تربط بينهما. و أنه مقصى من هذه العلاقة. وربما هذا ما يفسر تمرد الأطفال على الآباء في هذه المرحلة

و

خامسا، هناك ظاهرة ترتبط بهذا البعد لابد من الإشارة إليها. وهي الاستمناء أو العادة السرية. والتي يؤكد المحللون النفسيون على طبيعتها الفيزيولوجية. حيث أنها لا تشبه في شيء الاستمناء الذي سيظهر في مرحلة المراهقة ، المرتبط بالبلوغ والمعتمد على التخيلات. أما في المرحلة التي نحن بصددها، فأساسه اكتشاف حساسية هذه المنطقة (العضو الذكري عند الولد والبظر عند الأنثى ) ومحاولة الحصول على الإشباع عن طريق الأستثارة المناسبة لها. وهو سلوك غالبا ما يقوم به الطفل في الخفاء خاصة إذا كانت ردود فعل الآباء متصلبة وتتخللها تهديدات من قبيل ” سأقطع عضوك .. أو يدك ..”؛

إلى حد ما يمكن اعتبار ما أشرنا إليه، أهم الخصائص المرتبطة بوجدانات الطفل وصراعاته النفسية في المرحلة التي نحن بصددها. حسب نظرية التحليل النفسي. ورغم الانتقادات الإبستمولوجية التي وجهت إلى هذا الحقل المعرفي. والتساؤلات حول مدى قيمة وعلمية جهازه المفاهيمي. فإنه يبقى بالنسبة لنا منظورا لابد من اعتباره وتصورا لايمكن إغفاله لاكتمال صورة طفل ما بين الثالثة والسادسة. وإذا كانت مفاهيم التحليل النفسي، وتصوراته قد اعتمدت في حقول معرفية كالتحليل الأدبي والدراسات الأنثروبولوجية واللغوية…الخ، فكيف نقصيها ونحن بصدد دراسة أهم ما اهتم به التحليل النفسي، أي الطفل في أحرج مراحله؛

متطلبات النمو الجنسي للطفل في التعليم الابتدائي

انطلاقا مما استفدناه من أطروحة التحليل النفسي حول طفل هذه المرحلة. يمكن توجيه الإرشادات التالية ؛

أ- ضرورة خلق وسط تعلمي يغذي الفضول الطبيعي للطفل ؛

وتوفير جو من الثقة يستطيع الطفل فيه ، أن يضع الأسئلة من غير خوف ولا تهديد

ب- بالنسبة لأسئلة أطفال هذه المرحلة ، علينا أن نستمع إليها ونشجعهم على وضع فرضيات؛

لمحاولة الإجابة عليها . لأن الجواب المباشر والجاهز يضع حدا للدهشة التي خلقت السؤال . فنخنق بالتالي الفضول الطبيعي للطفل؛

ج- يجب النظر إلى أشكال تعبير الأطفال كالرسم والتمثيل واللعب .. بشكل عام كانعكاس لانفعالاتهم اللاشعورية؛

والتي يجب أن يعبر عنها . لذلك لابد من توفير الفضاء والأدوات الملائمة التي تسمح للطفل

بالتعبير عن تجاربه ورؤيته للعالم وتفريغ شحناته

د- كلما تقلصت التهديدات المرتبطة بالمسائل الجنسية ، وسمحنا للطفل باللعبمع غيره ، ووفرنا له اللعب التي يتعامل معها يدويا؛

كلما أبعدناه عن خطر الاستمناء الذي قد يسقطه في النرجسية والتقوقع حول الذات والخجل .. وغير ذلك من مظاهر اللاتكيف

هـ-الشدة في التعامل مع الطفل لا تؤدي إلا إلى التمرد ، أو الخنوع . كذلك الحرية المطلقة ، والعمل على تلبية كل رغباته ،؛

يجعله يلغي مبدأ الواقع ويسقطه في جبروت الأفكار فيكون لأي إحباط مهما ضعف وقع سلبي على نفسيته . كذلك التذبذب في معاملته لا يمنحه جو الثقة الذي يحس فيه بالأمان ويساعد نموه الانفعالي

بتصرف عن ما كتبه المرحوم نور الدين خير الله

 

2 Comments

  • For my thesis, I consulted a lot of information, read your article made me feel a lot, benefited me a lot from it, thank you for your help. Thanks!

  • 3nocturnal

رجاء اترك تعليقا لتجويد الخدمات

فضاء التكوين في مهن التربية