google-site-verification=lOlmdetj4fHzhz-NU-ox4dVLX7jhyyv_fPVlXSA7c2Q
Cancel Preloader
مرتكزات التعليم الأولي الروض

توطئة حول التعليم الأولي – الروض

يمكن اعتبار الاهتمام بالطفل والطفولة من خلال الروض، من السمات المميزة لعصرنا. فرغم أننا نجد آراء وتوجيهات تربوية عند الكثير من مفكري العصور السابقة ، وفلاسفتها ، لكنها لن ترق أبدا إلى أطروحات مهتمة ومتخصصة، بالشكل الذي تعرفه هذه المرحلة المتميزة من عمر الإنسان في وقتنا الحالي . فقد كثرت الدراسات السيكولوجية والسوسيولوجية و البيداغوجية  التي تحاول الوقوف على خصوصيات هذه المرحلة . وأثرها على شخصية الراشد . وعلى مستقبل المجتمع ككل . لدرجة أصبح معها الاهتمام بالطفل والطفولة دليلا على المعاصرة ، ومواكبة الحداثة

و

فأقيمت لذلك الندوات والمحاضرات. وأصبح الطفل وسيلة لجمع الجمهور . ومشجبا لتعليق الخطابات والشعارات ، وهدفا للبرامج الإصلاحية التي غالبا ما يطغى فيها الإيديولوجي على العلمي . خاصة في واقع كواقعنا . حيث نجد الخطابات المهتمة بالطفولة تختلف بين سيكولوجي ، يتعامل مع الطفل كتجريد . مرجعيته في ذلك النظريات الغربية التي نبتت في تربة مغايرة وواقع مخالف . أو سوسيولوجي، يجعل من الطفل ضحية مؤسسات اجتماعية تتجاوزه ، وتفاقم وضعيات تفعل فيه . أو بيداغوجي يلقي على عاتق المدرسة ما أفسده المجتمع ويجعل من المناهج التعليمية ، والطرق البيداغوجية وسيلة لإصلاح، إن لم نقل لتغيير هذا الواقعمن بين المراحل التي شدت اهتمام الباحثين ، مرحلة ما قبل التمدرس . كمرحلة توضع فيها اللبنات الأساسية للشخصية ؛

الدراسة

ومن بين المؤسسات التي استهدفتها دراساتهم ، مؤسسة التعليم الأولي. كمؤسسة تهيء وتعد للتكيف مع المدرسة النظامية . وسنحاول التطرق إلى هذه المؤسسة . أولا كإفراز تاريخي لتصورات تربوية ترتكز على فلسفة معينة ، وترمي تحقيق أهداف محددة ، وتستدعي بالتالي متطلبات خاصة . وثانيا كواقع عرف تحولات وتغيرات ، على مستوى تنظيمه .ومراميه . ويعرف مشاكل ومثبطات تعرقل نجاحه وتحول دون تحقيقه للأهداف التي وضع من أجلها

المنظور الحدث للتعليم الأولي

 يمكن اعتبار أساس النظرة الحديثة في التربية يرتكز على ضرورة التعامل مع الطفل كطفل وليس كراشد صغير . ويمكن اعتبار فيلسوف الأنوار جان جاك روسو الواضع الفعلي لهذا الأساس . حيث أكد أن على المربي ألا يضحي بحاضر الطفل من أجل مستقبل غير مضمون . وانتقد المؤسسات التربوية ، التي تغتال طبيعة الطفل بهدف التنشئة أو القولبة الاجتماعية . فكان كتابه إميل ، أول دعوة حقيقية لتأسيس التربية على المعرفة بحاجات الطفولة وخصائصها  ” ابدأوا بمعرفة أطفالكم ، فإنكم بالتأكيد لا تعرفونهم ” مما جعل من الحركة الطبيعية البذرة الأولى واللبنة الأساسية التي ستلهم الكثير من منظري التربية بتصورات . يمكن اعتبارها بحق مباديء وأسس الفكر التربوي الحديث . كالاهتمام بطبيعة الطفل  

و

كما هو كائن لا كما يجب أن يكون . ورفض كل عمل قسري ، أو إيحائي يوجه إلى وعيه . والتأكيد على تربية الجسم والحواس . واتباع نمو الكائن خطوة خطوة . واجتناب كل ما يمكن أن يعارض ذلك النمو . وكل تعسف سابق لأوانه . والتقليص ما أمكن من الدروس الشفاهية والتوجيهات الأخلاقية . وتعويضها بالتعلم عن طريق الخبرة . بالإضافة إلى التقليص من دور المربي كمتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة الطفل . وتحديده في تشجيع الطفل على أن يربي نفسه بنفسه . والسماح لقواه وميوله ، أن تنمو بأقل تدخل و إشراف

و

هذه الأسس وغيرها ستعتبر بحق ثورة كوبرنيكية في حقل التربية . ستتمظهر ويتم التعبير عنها في كون التعلم ، يجب أن يتم بروح اللعب . لأن طبيعة الطفل تظهر على أتم ما يكون أثناء اللعب وهو طريق الطبيعة في التربية والتدريب  . وسيعمل الكثير من مفكري التربية على تحقيقها في مرحلة ما قبل التمدرس . وسينشئون لذلك مؤسسات خاصة هي ما سيعرف فيما بعد برياض الأطفال . من أبرز هؤلاء المفكرين ، فروبل و مونتسوري   فلقد قام فروبل بافتتاح أول روض للأطفال عام 1837 وجعلها للأطفال ما بين الثالثة والسابعة وأطلق عليها اسم (المدرسة القائمة على غرائز الأطفال الفعالة ) كما سماها أيضا ( مدرسة التربية النفسية ) وبعد ذلك أطلق عليها اسم ( حديقة الأطفال ).

رواد التربية

ولأنه كان متأثرا بروسو فقد دعا إلى اتباع الطبيعة في التربية . وكان يرى أن الطفل يولد نشطا ميالا إلى الحركة محبا للعب . فكانت الكرة ، أول اللعب التي أدخلها إلى مؤسسته . لما تخلقه من حركة وتستدعيه من نشاط . ثم اختار بعد ذلك المكعب وبعده الأسطوانة . وهي كلها أدوات تنمي الحواس والتناسق بين أعضاء الجسم . كما ابتكر الكثير من الأشغال اليدوية التي تشمل على التشكيل والرسم والتلوين . وارتكزت خطته بالأساس على العمل . والنشاط الذاتي.  وهي أحسن الطرق للتربية الطبيعية

و

 وعلى نفس النهج سارت السيدة مونتسوري (1870- 1952) حيث ارتكزت طريقتها على مباديء تربوية تخضع لنفس التصور . فأكدت على التربية الذاتية   ( تربية المرء نفسه بنفسه ) وجعلت دور المدرس يقتصر على الإرشاد والمساعدة والتشجيع . فلا يتدخل في الأعمال التي قرر الطفل القيام بها . كما اهتمت بتربية الحواس . و أبعدت استخدام الإدراك العقلي لصعوبته لدى الطفل . ولم تحدد جدول دروس . بل أكدت على ضرورة ترك الطفل يعمل حسب ميوله ورغباته . وبذلك أصبح الطفل في النظام المونتسوري حرا في أن يفعل ما يشاء على ألا يؤذي غيره . وغدا التعليم فرديا يرتكز على الحرية التي من أهم خصائصها ، احترام رغبات الصغار وطبائعهم وفرديتهم

و

وبالتالي إعطاء دور أساسي للعب في التعلم . خاصة في مرحلة معينة من الطفولة . تقول مونتسوري : ” إن الفترة التي تمتد بين ثلاث سنوات إلى سبع سنوات إنما هي فترة نمو طبيعي سريع . وفترة تكوين الفعاليات الطبيعية الحسية . والطفل في هذه الفترة يسعى إلى تطوير حواسه بشكل خاص (..) ولذلك فمثل هذه الفترة هي الوقت المناسب الذي يجب استغلاله بطريقة سليمة حتى تنمو حواس الطفل بشكل معقول وحتى نهيء بالتالي له القاعدة الارتكازية لعقلية إيجابية 

تركيب

مثل هذه الأفكار كانت النواة الحقيقية لانتشار الوعي والاهتمام بمرحلة ما قبل التمدرس . فأنشئت لذلك مؤسسات تهتم بأطفال هذه المرحلة . وقد عجلت الظروف المأساوية للحرب العالمية الثانية على انتشارها . بعد اتجاه عدد كبير من النساء إلى العمل في المصانع . وانحلال الأسرة والتمدين . و أصبحت هذه المؤسسات تستجيب لحاجات ثقافية وتربوية لم تعد الأسرة قادرة على تلبيتها

  وتسرب هذا الوعي بأهمية التربية القبل مدرسية بقدر أو بآخر إلى الأقطار العربية . نتيجة تفكك الأسرة التقليدية . وتحولها إلى أسرة نووية . خاصة في المناطق الحضرية . وخروج المرأة إلى العمل . كما تبين ، أن من بين أهم أسباب الهدر المدرسي ، خاصة في سنوات التعليم الأولى ، هو عدم تهيئة الطفل ذهنيا ونفسيا واجتماعيا لدخول المدرسة . من هنا برزت ضرورة إقرار تربية قبل مدرسية يكون دورها الإعداد للتعليم الابتدائي . وذلك عن طريق تنمية المهارات الحسية والحركية اللازمة لتعلم القراءة والكتابة . وعن طريق تعويد الطفل الابتعاد عن البيت . والتوافق مع أقرانه والانسجام معهم . وربط علافات مع المربين بشكل يسهل عليه فيما بعد نسج علاقات مماثلة مع المدرس وتلاميذ القسم .خاصة إذا كانت الظروف السكنية والاجتماعية للطفل يتعذر عليه فيها الاتصال بالأطفال . أو تنعدم فيها المساحات المخصصة للعب وتفريغ طاقاته الحركية . أو إذا كانت الأم تشعر بعدم قدرتها على فهم حاجات طفلها التربوية

و

  وعلى أساس هذه الاعتبارات ، يمكن القول إجمالا ، أن الروض كمؤسسة تربوية يتجاوز البيت من خلال التربية الاجتماعية والعقلية والإبداعية التي لا تقدم داخل الأسرة إلا في حدود ضيقة . ومن خلال استهدافه تنمية شخصية الطفل في شموليتها . وتفتحها وتخليها عن مركزية الذات . وتلبية مطالب النمو للاندماج في الحياة المدرسية المقبلة . لكن في نفس الوقت يجب ألا يفهم من هذا، أن الروض يمكن أن يكون بديلا عن البيت . بل هو مكمل له ومصحح لكثير من أخطائه التي قد تنتج بفعل الجهل أو الفقر أوغيرهما.  بل إن  ” رياض الأطفال هي تكملة لرسالة الأسرة. عليها أن تتمم وتصحح ما تفعله الأسرة نتيجة سوء فهم أو رسوخ تقاليد بالية

الهدف العام والأهداف الخاصة

 ونرى أنه لايتسنى للروض ذلك إلا إذا وعي مؤطروه بالأهداف التالية والتي تجمع الكثير من الأدبيات السيكوبيداغوجية على اعتبارها المرتكزات الأساسية لإنشاء هذه المؤسسات التربوية

  يمكن اعتبار الهدف العام في الروض هو تنمية كل قدرات الطفل . والسماح له بتكوين شخصيته . و إعطاؤه كل الحظوظ لكي ينجح في المدرسة والحياة . ويتفرع عن هذا الهدف العام  أهداف خاصة نشير إليها كالتالي

تعويد الطفل على حياة جديدة وعلى وسط جديد . بإيقاعات زمنية معينة وعلى علاقات لم تسمح الأسرة بربطها . والتي تتعدى الإخوة والأقارب

  تنمية النزوع إلى الاستقلال . والتقليص من الاعتماد على الغير . فيما يخص اللبس والأكل والنظافة . وإشعار الطفل بأنه قادر على أن يقرر ما يتعلق به بنفسه . وتعليمه في الوقت ذاته على أن هناك حدودا لا يستطيع تجاوزها . وأشياء هي من حق غيره . وآدابا عامة وقواعد سلوكية

و

تعليم الطفل ربط علاقات مع الآخرين . وتنمية روح التعاون من  أجل المشاركة في نشاطات جماعية . على أساس أن يكون له دور في كل نشاط وللآخرين أدوارهم . فيبتعد عن الأنانية والفردية

أن يوفر للطفل المواد المناسبة التي يتمكن بواسطتها استكشاف بيئته ومحيطه . فالطفل يبدأ بمعرفة بيئته من خلال الأدوات التي يستخدم والتجارب التي يمارس أو يراقب الغير يمارسها

الاعتناء بصحة الطفل . وإكسابه عادات صحية بحيث تصبح العناية بالجسم عادة يومية يمارسها الطفل

تزويد الآباء بالخبرة والمعرفة عن أبنائهم . فدور الأبوين لا ينتهي بمجرد دخول طفلهم الروض . وإنما هو فيه امتداد لدورهم في البيت

أن يعمل على تنمية كل قدرات الطفل . لكن ليس عن طريق الحقائق والأرقام والدروس الشفاهية . بل عن طريق الخبرات والأنشطة التي تتماشى ومرحلة نموه وخصوصياته الفردية وبالارتكاز بالأساس على

على

         –  الملاحظة والخبرة والابتكار

         – احترام إيقاعات التعلم والفوارق الفردية

         – الاعتماد على اللعب والورشات والمشاريع

         –  الانطلاق من حاجات الطفل واهتماماته

.        – وضع الأطفال في وضعيات مشكلات يتعلمون من خلالها ويتجاوزون ذواتهم

ويمكن تقسيم الأنشطة المرتكزة على هذه الأسس إلى المجموعات التالية

الأنشطة الحركية

وتتضمن الحركات الكبيرة التي تمكن من السرعة في الأداء وقوةالتحمل .وتتمثل في الجري والقفز والتسلق والرمي ..الخ والتناسق الحركي الذي يعتمد على تسلسل الحركات والتحكم فيها عبر الألعاب . بالإضافة إلى الحركية الدقيقة عن طريق استخدام الأنامل في اللعب بالرمل والماء والمكعبات

والأعمال اليدوية عبر القص واللصق وعمل الاشكال من الطين والورق . وكذا تدريبه على رسم الخطوط والمنحنيات والدوائر والأشكال الهندسية وتلوينها بغية تناسق نموه البصري وحركة يده

أنشطة التواصل والتعبير الشفاهي    

مهمتها جعل الطفل يتكلم سواء مع الراشدين . أو مع أقرانه . حتى يكتسب مفردات و أسماء ويقف على أشكال التعبير وقواعد الصرف وزمن الأفعال. فعلى المربي أن يضع الطفل في مواقف تنمي لديه القدرة على الإصغاء والمحادثة وطرح الأسئلة وسرد القصص وإنشاد الأناشيد ولعب الأدوار ..الخ . ولقد أكدت النظرية التوليدية التحويلية بأن الطفل عنده قدرة فطرية كامنة لاستقبال اللغة وتعلمها .وهو وإن لم يصل بعد إلى سن المحاكمة الرياضية  والمنطقية يستطيع اكتشاف ما وراء الأصوات التي يسمعها من قواعد صوتية ونحوية وأسلوبية ودلالية وهو لا يزال دون الثاثة من عمره

وهذا الاكتشاف هو الذي يمكنه من توليد عدد هائل من الجمل من عدد محدود من المفردات. وكلما صغرت سن الطفل كانت هذه القدرة أنشط وبالتالي يكون الإتقان أعلى . . فإذا لم يكن الطفل قد تعلم لغة ما قبل هذه السن لأي سبب من الأسباب ، فإنه لن يتمكن من تعلم أية لغة بعد ذلك . أي أن هذه القدرة الفطرية لدى الطفل في تلقي اللغة قد أصيبت بالضمور

 الأنشطة الفنية والجمالية

هذه الأنشطة تجعل الطفل يحتك بمواد مختلفة تنمي قدراته الحسية وتسمح بالتعبير وتثير الخيال والإبداع وتمكنه من معرفة أكثر بالمحيط . وتساعده على منح الجمال وتمييزه وتقديره في حياته وذلك عبر الفنون على اختلافها من رسم وتصوير وموسيقى ..الخ وهي كلها تنمي في الطفل القدرة على التعبير عن أحاسيسه ومشاعره والسيطرة عليها

الأنشطة العلمية والتقنية

 هدف هذه الأنشطة هودائما وضع و حل بعض المشاكل مع الأخذ بعين الاعتبار تماشيها مع سن الطفل وقدراته ومعارفه . وهذه الأنشطة تسمح للطفل باستغلال المواد وتوظيفها وتسمح له بالاستكشاف والمحاولة والتجريب . وتدريبه على حسن استعمال حواسه الخمس في التصنيف والتمييز والترتيب ، لتوسيع مفاهيمه حول الأشكال والأشياء والأدوات والكميات والألوان والأحجام . وإدراك العلاقات . كأعمال التركيب والتفكيك والإلصاق والترتيب ..الخ وهي تتطلب مواد على الروض أن يوفرها للطفل

الأنشطة الدينية والوطنية

 مهمتها مساعدة الطفل على تنمية وتطوير وازعه الديني ومشاعره الروحية بصورة عملية .وترسيخ القيم الدينية والوطنية بالقدوة الحسنة والسلوك اليومي . واستغلال المناسبات المرتبطبة بذلك لغرس حب الدين والوطن والاعتزاز بالانتماء إليهما

لكن من الواضح أن الأهداف المتوخاة من الأنشطة المشار إليها لا يمكن أن تتحقق إلا على أساس شروط لابد أن تتوفر في هذه المؤسسات التربوية . ويتعلق الأمر من جهة بالشروط المادية المرتبطة بمبنى الروض وتجهيزاته . ومن جهة ثانية بالاتجاهات التربوية الإيجابية التي يجب أن تتوفر لدى المشرفين على على هذه المؤسسة

  بالنسبة للشروط الأولى على مؤسسات الطفولة – الروض – أن تشيد في أماكن صحية . حيث يتوفر الهواء النقي . والبعيدة عن الضوضاء والتلوث والشوارع المكتظة . وأن يتوفر المبنى على المساحات الكافية لممارسة الأنشطة المختلفة . و مكان يسمح للأطفال بالراحة كلما شعروا بحاجتهم إليها . وعدد من الحجرات كاف . تضم مجموعات صغيرة من الأطفال . وتسهل على المشرفين مأموريتهم التربوية . وقد يكون تقسيم فضاء الروض حسب الأنشطة ، أفضل وسيلة تسمح للأطفال بحرية الحركة والاختلاط

و

وتيسر على المربين الإشراف والعمل . فيكون هناك مثلا ركن للمكعبات ، وركن للرسم وركن للأعمال اليدوية …الخ. بحيث تجمع وتكيف المواد والأدوات بشكل يسمح بفضاء واسع للتنقل والحركة . عوضا عن المقاعد التي حمل عليها المربون الحديثون . حملة عنيفة معتبرينها أداة لأسر الأطفال وحجز حريتهم . من بينهم مونتسوري التي ترى فيها أكبر برهان على أن نظام العبودية قد طال التربية والمدرسة . تقول: علينا أن نبحث عن تثبيت دعائم الحرية وليس عن تركيب أو هيكل المقعد

الوسائل

    بالنسبة للوسائل ومواد اللعب في الروض ، فيجب أن تختار بعناية . وطبقا لمواصفات وشروط معينة . لكل عمر وسائله  . ولكل منها وظيفته في تنمية قدرات الطفل وتلبية حاجاته . كالحاجة إلى النشاط والحركة ، التي تيسرنموه  الجسمي  وتنمي عضلاته الكبيرة . كالأراجيح والدراجات وأجهزة التسلق والتزحلق ..والحاجة إلى الاستطلاع والمعرفة وتتمثل في المعدات التي تجيب عن تساؤلات الأطفال وتلبي رغبتهم في الأكتشاف . كالحيوان والنبات والصور والكتب والأفلام .. والحاجة إلى البناء والهدم ، كالمكعبات الخشبية وأدوات الفك والتركيب المختلفة .. والحاجة إلى التعبير عن الأفكار والمشاعر ، ويمكن إشباعها بالأدوات واللعب التي يستطيع الطفل أن يعبر بواسطتها عن نفسه كالرمل والصلصال والألوان والآلات الموسيقية . يضاف إلى هذا اللعب التي تمرن القدرات العقلية كالملاحظة والذاكرة . واللعب التي تنظم حسب تسلسل معين . ولعب التصنيف والترتيب . والوسائل التي تنمي القدرات الاجتماعية والتعامل مع الآخرين كالعرائس والدمى والمسارح..الخ

و

ويجب مراعاة في كل هذه الوسائل والأدوات متانتها، وعدم إتلافها بسهولة وجاذبيتها وسهولة استعمالها بالإضافة إلى كونها متعددة الاستخدامات . وذلك لأن الطفل عادة حينما يكون أمام لعبة جديدة يخضعها تلقائيا لبعض التجارب التي تشكل بالنسبة إليه مصدر نشاطات جديدة وإذا كانت تنمية قدرات الطفل وشخصيته في كليتها مشروطة بممارسته لكل هذه الأنشطة ، فلابد من توزيع زمني يسمح بالانتقال من نشاط إلى آخر . إلا أنه لا ينبغي الالتزام به بكيفية صارمة ودقيقة . ذلك لأن التعامل مع الأطفال يقتضي المرونة . و الاهتمام بما يسنح من فرص طارئة يجب استغلالها . وبترك هامش للمبادرة الحرة وللتلقائية

الزمن

وإذا كان لابد من تقسيم الزمان لتنويع الأنشطة ، فيلزم مراعاة التوازنات التالية في توزبعه بين

  – الأنشطة الفردية والجماعية وضمن المجموعات الصغيرة

  – النشاط التلقائي الحر والموجه والمقترح

  – تقويم إنجازات الأطفال

  – الأنشطة التي تجري داخل الفصل والتي تجري خارجه

   – تحاشي إطالة نشاط من الأنشطة أو الضغط على الطفل للقيام بعمل في وقت لايكون مستعدا للقيام به

و

 بالإضافة إلى هذه الشروط المادية والتنظيمية التي على الروض تهيئتها للطفل ، فإن هذه المؤسسة ، لن تنجح في تأدية دورها التربوي إلا إذا توفرت بعض الشروط في المشرفين عليها وأهمها معرفة عامة بالطفولة . وطفل هذه المرحلة بالخصوص . حتى يتمكنوا من خلق تجاوب وجداني ، وحكم جيد واستماع ذكي للأطفال . و أن يحبوهم و يتركوا لهم هامشا من الحرية للتعبير عن ذواتهم وخصوصياتهم . ويأخذوا بعين الاعتيار فروقهم النفسية والاجتماعية ويعرفون كيفية التعامل مع كل واحد على حدة . من غير أن يتخلوا عن الجماعة ويفقدوا روح الديموقراطية التي يجب أن يتحلوا بها ويغرسوها

ولن يتأتى ذلك إلا بالإلمام بمباديء علم النفس ونمو الأطفال وعلم الاجتماع والصحة النفسية والجسمية . وبعض التدريب في الفن والموسيقى والأعمال اليدوية. والتكثيف من الاتصال بالآباء والاستماع إلى اقتراحاتهم والاستنارة بآرائهم . والعمل على إشراكهم . وألا تنسى المربية خاصة ، أنها أم أولا ومعلمة ثانيا فتعمل على تنمية علاقتها بالأطفال بشكل يقوم على كسب الثقة والاحترام المتبادل

الخصائص

ومن أهم الخصائص الخلقية الواجب توفرها في مربية التعليم الأولي العطف والصبر وقدرة التحمل والتلقائية دون تكلف أوتصنع وضبط النفس والاستعداد الطبيعي للقيام بالعمل في نشاط وحيوية. بالإضافة إلى خصائص عقلية ومظهرية تسهل اقتراب الأطفال منها ونسج علاقة حميمية . وعلى العموم كما يقول أدلر : ” في الروض الخاص بالأطفال تعوض المربيات الأم . فعليهن أن يقمن بدورها . بل يصححن أخطاءها

كتبها المرحوم بإذن الله ذ.نور الدين خير الله

7 Comments

رجاء اترك تعليقا لتجويد الخدمات

فضاء التكوين في مهن التربية