google-site-verification=lOlmdetj4fHzhz-NU-ox4dVLX7jhyyv_fPVlXSA7c2Q
Cancel Preloader
المنهاج الدراسي المغربي

عبد الرحمان التومي باحث ومؤلف في الديدكتيك والبيداغوجيا

في هذه المداخلة سنتعرف على المبادئ العامة والأسس والمداخل التي يقوم عليها المنهاج الدراسي المغربي ، وكذا تموقع هذا المنهاج ضمن تنظيمات المناهج المعروفة؛

كما سنتناول المقاربات التربوية المنهاجية والبيداغوجية واللغوية التي يستند إليها هذا المنهاج؛

ونبحث في مدى نجاحه في تبني هذه الاختيارات التربوية والبيداغوجية

مفهوم المنهاج الدراسي المغربي ومكوناته

¨يعرفه ديلاندشير De Landsheere المنهاج (أو المنهج) بكونه مجموعة من الإجراءات التي يتم تخطيطها لإحداث التعلم؛

ويتضمن أهداف التعليم والمضامين الدراسية والطرائق (يدخل ضمنها التقويم) والوسائل والمعينات البيداغوجية (ومن بينها الكتب المدرسية) والتدابير الخاصة بالتكوين المناسب للمدرسين

يتضمن المنهاج مجموعة من المكونات؛

الغايات والمرامي البعيدة التي تسعى التوجهات المعتمدة في النظام التربوي إلى تحقيقها؛

النظريات  والاتجاهات التربوية؛

الكفايات المستعرضة والكفايات الخاصة بمجالات التعلم؛

عناصر البرنامج الدراسي (مفردات البرنامج والأهداف التعلمية)؛

الأنشطة والوضعيات التعليمية –التعلمية التي تمكن من تحقيق الأهداف التعلمية؛

الإيقاعات المدرسية والحصص الزمنية المقررة؛

الكتاب المدرسي وما يتضمن من أنشطة تعليمية – تعلمية؛

البنيات المدرسية والهياكل التنظيمية للمؤسسة التعليمية؛

المقاربات التربوية والطرائق التعليمية والاستراتيجيات التعلمية؛

المدرس وممارساته البيداغوجية؛

المتعلم وتفاعلاته داخل الصف؛

الوسائل الديدكتيكية والموارد الرقمية؛

الإطار المرجعي للتقويم؛

مشاريع الدعم العام والخاص؛

التكوين الأساس والمستمر للأطر التربوية؛

ا

إن المنهاج الدراسي ليس سردا للبرامج التعليمية بل هو متضمن لها؛

فالبرنامج يختزل في لوائح المواد والمحتويات المعرفية والمهارية والسلوكية التي يتم تدريسها في مختلف المستويات التعليمية، مع تحديد جداول واستعمالات الزمن المناسبة؛

أما المنهاج فهو مفهوم واسع ومركب، يشمل مجموعة من العناصر، إذا حدث خلل في أحدها تتأثر العناصر الأخرى؛

تبني المقاربة بالكفايات كمدخل بيداغوجي لمراجعة المناهج يستلزم التخلي عن منطق البرنامج التعليمي والانتقال إلى منطق المنهاج الدراسي؛

إن بناء منهاج جديد ومتكامل يستجيب للشروط والمتطلبات العلمية الراهنة التي يقتضيها بناء المناهج التربوية ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار كل مكونات المنهاج

يرتكز بناء المنهاج الدراسي على أسس فلسفية واجتماعية ونفسية ومعرفية؛

أ- الأساس الفلسفي : ويشمل الأطر الفكرية والإيديولوجية، والتوجهات الاقتصادية والحضارية التي يقوم عليها المنهاج بما يعكس خصوصية مجتمع ما؛

ب- الأساس الاجتماعي:  ويتعلق بثقافة المجتمع، وعاداته وتقاليده، وقيمه الدينية والأخلاقية، وحاجات أفراده في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية والتكنولوجية؛

ج- الأساس النفسي : ويتعلق بطبيعة المتعلم وخصائصه السيكونمائية، وقدراته وحاجاته وسلوكاته؛

د- الأساس المعرفي : ويتعلق بالمادة الدراسية من حيث طبيعتها ومصادرها ووظيفتها وملاءمتها، ووالمقاربات والتوجهات المعرفية والبيداغوجية والديدكتيكية االخاصة بتعليمها وتعلمها؛

لكن الملاحظ أن المنهاج الدراسي المغربي لا يساير الأسس الحقيقية لبناء المنهاج، فهو لا يعبر عن طموحات المجتمع وحاجاته الفلسفية والسياسية والاجتماعية؛

ولا يحترم الخصائص السيكونمائية للطفل المغربي… ومن تمظهرات هذه الاختلالات؛

أ- إشكالية مواءمة المنهاج واندماجه في محيطه. وهذا يتبين من خلال مخرجات المنهاج؛

– ب- اللامساواة و انعدام تكافؤ الفرص أمام المنهاج الدراسي، ومن أهم مظاهرها؛

مسألة تعدد المدارس (مدارس عمومية ومدارس خصوصية)، و تعدد المناهج السائدة (مناهج مغربية رسمية وأخرى موازية، مناهج أجنبية)؛

إشكالية مستويات المنهاج (المنهاج الرسمي الصريح، المنهاج الضمني، المنهاج الفعلي، المنهاج المخفي)؛

إشكالية الفروق الفردية و تكافؤ الفرص؛ §هدر الزمن المدرسي الضروري لتطبيق المنهاج؛

عدم مواءمة البنيات المدرسية (الأقسام المكتظة، الأقسام المشتركة …)

تنظيمات المناهج الدراسي المغربي

تنتظم المناهج الدراسية، في علاقتها بالمواد الدراسية، في العديد من التنظيمات المنهاجية. فهناك منهاج المواد الدراسية المنفصلة، ومنهاج المواد الدراسية المترابطة، ومنهاج المواد الدراسية المندمجة أو منهاج المجالات الواسعة (الأقطاب)؛

منهاج المواد الدراسية المنفصلة

يتكون هذا النوع من المناهج من مواد دراسية منفصلة تماما عن بعضها البعض؛ أي أن لكل مادة محتويات تعليمية خاصة بها تدرس بمعزل عن المواد الأخرى، كما يكون لها كتاب مدرسي وامتحانات خاصة؛

يتميز هذا النوع من المناهج بسهولة إعداده وتنفيذه؛ فهو لا يحتاج سوى إلى تحديد المعارف الخاصة بكل مادة دراسية، وتوزيعها على المراحل والسنوات الدراسية، وإعداد الكتب المدرسية اللازمة. غير أنه يعاب عليه كونه منهاج محتويات، يراهن على الكم الهائل من المقررات على حساب الكيف، كما أنه يغيب التماسك والترابط والتوافق بين مكونات المادة الواحدة من جهة، ومكونات جميع المواد من جهة أخرى؛

منهاج المواد المترابطة

هو فكرة وسط بين المواد المنفصلة وبين الإدماج التام للمواد، إذ أنه يستند إلى مبدأ الربط بين موضوعات مادتين دراسيتين أو أكثر يتضمنها المنهاج، وذلك تبعا لعلاقة تجمعها. فهذا المنهاج يرفض تفتيت أو تقسيم المعرفة إلى ميادين منفصلة، ويؤكد على تكامل المعرفة ووحدتها، وإزالة الحواجز بين موضوعات المواد المختلفة

منهاج المجالات الواسعة (منهاج الأقطاب)

يقصد بمنهاج المجالات الواسعة تجميع المواد الدراسية تبعا لخصائص موحدة فى قطب أو مجال واحد، وبهذا يمثل هذا النوع من المنهاج محاولة لدمج المواد الدراسية في قالب واحد يضمن لها التكامل والانسجام؛

يتموقع المنهاج الدراسي المغربي ضمن تنظيم المواد الدراسية المنفصلة لكونه يراهن على الكم الهائل من المحتويات والمقررات على حساب الكيف، كما أنه يغيب التماسك والترابط والتوافق بين مكونات المادة الواحدة من جهة ومكونات جميع المواد من جهة أخرى، وتكاملها معاً في وحدة متماسكة متناغمة.     بل وصل الأمر إلى حد تقسيم المادة الدراسية الواحدة إلى مكونات، كل مكون فيها يمثل مادة مستقلة. وقد حدث ذلك بالنسبة لمجموعة من المواد كاللغة العربية مثلا، إذ قسمت إلى تعبير شفوي وقراءة وتراكيب وصرف وتحويل، وإملاء وخط وتعبير كتابي … دون اعتبار لأي ترابط بين هذه المكونات في كثير من الأحيان؛

إذا ما تفحصنا كذلك محتويات البرامج المنقحة للسنوات الأربع من الابتدائي والتي صدرت مؤخرا عن وزارة التربية الوطنية، نجد أن مبدأ التجميع، في ثلاثة مجالات أو أقطاب، ما هو إلا تجميع شكلي لكونه مناقضا للفلسفة التى بني عليها منهاج المجالات. فالمجال في هذا التجميع ما هو سوى إطار يجمع مواد مختلفة ولكل مادة خصوصياتها وبرامجها وتقويمها. وحيث إن كل مادة من القطب الواحد منفصلة تماما عن المواد الأخرى، فمعنى ذلك أنه لم يحدث أي نوع من أنواع الدمج بين مواد المجال الواحد. وتلك خاصية من خصائص منهاج المواد المنفصلة؛

مداخل المنهاج الدراسي المغربي

المدخل لغة حسب المعجم العربي الأساسي، هو موضع الدخول، أو مقدمة الشيء. أما اصطلاحا فيعني الأساس والإطار العام لمجموعة من المبادئ المنظمة لمختلف الإجراءات التربوية والبيداغوجية؛

أما المقاربة لغة فيعرفها المعجم الفرنسي لاروس بأنها ”الحركة التي بواسطتها نتقدم نحو الأمام“؛

واصطلاحا يمكن تعريفها في علاقتها بالمنهاج الدراسي باعتبارها كيفية أو تصورا لتخطيط وتنظيم مكونات المنهاج، وإعطائها نوعا من الوحدة والتناسق. كما يمكن اعتبارها رؤية براغماتية لكيفية إعداد وبناء المنهاج ومعالجة وبلوغ غاياته؛

¨فهي بالتالي تختلف عن الطريقة البيداغوجية أو الديدكتيكية؛ لأن البيداغوجيا هي ”كل ماله ارتباط بالعلاقة بين مدرس وتلميذ بغرض تعليم أو تربية.“ فمجالها ينحصر على السيرورة التعليمية-التعلمية وما يرتبط بها من طرائق وتقنيات ووسائل واستراتيجيات وأساليب … نقول مثلا بيداغوجيا المشروع، بيداغوجيا حل المشكلات، البيداغوجيا الفارقية…    والديدكتيك هو كل ما له ارتباط بتدريس المواد الدراسية المختلفة، فمجال اهتمامه هو دراسة المادة الدراسية والتفكير في بنيتها ومنطقها، وكيفية تدريس مفاهيمها ومشاكل وصعوبات اكتسابها، نقول مثلا ديدكتيك الرياضيات، ديدكتيك اللغة العربية؛

كما أننا لا بد، في هذا المقام، من تحديد مفهومين أساسيين مرتبطين بالمفاهيم السابقة، ويتعلق الأمر بمفهوم الطريقة ومفهوم المنهجية

الطريقة هي هي سلسلة من الإجراءات المحددة بأدوات نستعملها بغرض الوصول إلى هدف معين

المنهجية هي إجراء نتبناه لتنفيذ طريقة. فهي تزودنا بمجموعة من الإجراءات الديدكتيكية والبيداغوجية التي تحدد كيفية تنفيذ طريقة ما

يستند المنهاج الدراسي المغربي إلى ثلاثة مداخل اعتبرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض اختيارات استراتيجية لأي مراجعة للمناهج؛

وهي مدخل التربية على القيم، ومدخل الكفايات، ومدخل التربية على الاختيار واتخاذ القرار

التربية على القيم

أولى كل من الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الأبيض لمدخل التربية على القيم أهمية بالغة؛

وجعلاه اختيارا استراتيجيا لتطوير المناهج الدراسية المغربية

    والقيم هي المثل والمبادئ والضوابط التي توجه سلوك الفرد وتنظمه. ويمكن اعتبارها كذلك نماذج مثالية تقف كمعيار لتوجيه سلوك الفرد فيقبل ما يتوافق وهذه النماذج ويرفض ما يخالفها؛

وتشمل القيم التي تم إعلانها مرتكزات أساسية لبناء المناهج؛

أ- قيم العقيدة الإسلامية

ب- قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية؛

ج- قيم المواطنة؛

د- قيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية؛

مدخل التربية على الاختيار

الاختيار هو القدرة على التمييز واتخاذ القرار المتسم بالوعي، والتصرف السليم بناء على تفكير شخصي وتأهيل خاص.    فتأهيل المتعلم لاكتساب القدرة على الاختيار يتطلب تربيته على الاستقلالية، والوعي بالواجبات والحقوق الفردية والجماعية، والتحلي بروح المسؤولية، والقدرة على تدبير مشاريع شخصية أو جماعية ذات صلة بالحياة المدرسية والاجتماعية؛

   وفي هذا الإطار توجه للمدرسة المغربية عدة انتقادات، لكونها لا زالت غير قادرة على مسايرة جملة من المستجدات ذات البعد القيمي ومواجهة مجموعة من التحديات؛ يأتي في مقدمتها وظيفية التعلمات المرتبطة بالقيم وعدم إعطائها معنى ودلالة من قبل المتعلم لأنها تكتسب بشكل تلقيني نظري بعيدا عن وضعيات الحياة؛

ثم هناك قدرة المدرسة على الحفاظ على هوية المجتمع الثقافية، وقدرتها على القيام بدورها التربوي والاجتماعي، ثم هناك العلاقة بين المدرسة والتنمية الروحية، وتشكيل القيم في عصر الفضائيات والتكنولوجيا، ودور المدرسة في التنمية السياسية وأخيراً دورها في التربية البيئية إلى غير ذلك من التحديات؛

مدخل الكفايات

بناء على ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، تم منذ سنة 2000 تبني المقاربة بالكفايات كمدخل أساس لمراجعة المناهج التربوية المغربية. ويعتبر هذا التوجه اختيارا بيداغوجيا يرمي إلى الارتقاء بالمتعلم إلى أسمى درجات التربية والتعليم؛

إذ إن المقاربة بالكفايات تستند إلى نظام متكامل من المعارف والمهارات والسلوكات المدمجة التي تتيح للمتعلم، في سياق وضعية مشكلة، القيام بالإنجازات والأداءات الملائمة التي تتطلبها تلك الوضعية؛

ما يميز المقاربة بالكفايات كونها؛

تنطلق من فكرة مؤداها أن التعلم كل لا يتجزأ وشامل لكل مكونات الشخصية الإنسانية، لذلك تعتمد في بناء المعارف والمهارات والسلوكات على تنسيق عمودي بين مختلف الوحدات داخل مادة دراسية معينة، وتنسيق أفقي بين مختلف المواد الدراسية؛ بل أكثر من ذلك، فهي تقوم على تشجيع الممارسات التربوية المبنية على دمج المواد الدراسية ضمن مجالات أو أقطاب واسعة (منهاج المواد الدراسية المندمجة أو منهاج المجالات الواسعة)؛

تمكن المتعلم من كل الشروط والوسائط التي تتيح له البناء الذاتي للتعلمات؛

وعلى هذا الأساس، تحتل الطرائق الفعالة والبيداغوجيات الوظيفية وتقنيات التنشيط واستراتيجيات التعلم الذاتي موقعا مركزيا في هذه المقاربة

تربط التعلم بمفهوم التصرف الواسع والشامل، الذي يهتم بكل جوانب الشخصية، وليس بمفهوم السلوك

الضيق، المرتبط بالمعارف البسيطة المجزأة؛

تعطي معنى ودلالة للتعلمات من خلال توظيفها لحل مشكلات مرتبطة بمحيط المتعلم؛

¨المقاربة بالكفايات، باعتبارها مقاربة تتمركز حول المتعلم، تدمج جملة من البيداغوجيات الوظيفية التي؛

ا

تنمي استقلالية المتعلم وتجعله فاعلا أساسيا في بناء تعلماته؛

توفر فضاء للتعلم الذاتي يمكن المتعلم من توظيف جيد لإمكاناته وقدراته، وتحفزه على التفاعل مع محيطه تفاعلا إيجابيا وبناء قوامه المساءلة والاستكشاف والبحث والاستنتاج (بيداغوجيا حل المشكلات)؛

تستجيب لحاجات كل متعلم، وتتكيف حسب الفروق الفردية المتواجدة بين المتعلمين، على اعتبار أنهم مختلفون في القدرات والميول والاهتمام والإيقاع… (البيداغوجيا الفارقية)؛

تتيح العمل في مجموعات، حيث يكمل كل عضو في المجموعة الأعضاء الآخرين (بيداغوجيا العمل بالمجموعات)؛

تعطي للتعلمات المكتسبة دلالات حقيقية، من خلال إدماجها وتوظيفها لحل وضعيات مشكلة حقيقية أو قريبة من واقع المتعلم (بيداغوجيا الإدماج)؛

تتيح للمتعلم المشاركة في أنشطة حقيقية والانخراط، بمساعدة المدرس، في مشاريع جماعية أو شخصية تفضي إلى منتوج ملموس (بيداغوجيا المشروع)؛

تربط كل مشروع لتخطيط وتدبير التعلمات بوضعية تفاوض وتعاقد مع المتعلم (بيداغوجيا التعاقد)؛ 

تجعل المتعلم يتعلم ويستمتع بتعلمه متفاعلا مع عناصر البيئة التي يتعلم فيها (بيداغوجيا اللعب)؛

تعطي الحق للمتعلم في الخطأ، ولا تعتبر الخطأ في إنجازه عملا سلبيا، بل منطلقا إيجابيا، ودليلا وأداة كشف عن آليات التفكير عنده، وهكذا يتم ضبط الخطأ وتحديد مصدره، ثم علاجه بوعي وتبصر من لدن المتعلم (بيداغوجيا الخطأ)؛

تجعل من التقويم أداة للتأكد من درجة التحكم الفردي والجماعي في الأهداف والكفايات المنشودة بناء على معايير ومؤشرات دالة؛

وتتيح بناء أنشطة لدعم نتائج التقويم (تقوية التعلمات وترسيخها أو تعديلها، تصحيح التعثرات، ،إكمال النقص الذي يعتريها …)؛

ا

انطلاقا من هذه الاعتبارات، يمكن القول؛

إن المقاربة بالكفايات تستند في أجرأتها إلى مجموعة من البيداغوجيات الفعالة، وهذا التنوع البيداغوجي يجعل منها مقاربة منهاجية حاضنة لكل البيداغوجيات والممارسات الوظيفية المتمركزة حول المتعلم؛

على مستوى التطبيق نلاحظ فشل المنهاج الدراسي المغربي في أجرأة المقاربة بالكفايات، ويظهر ذلك من خلال؛

واقع الحال والاختلالات المنهاجية التي يعرفها النظام التربوي المغربي، وكذا فشل النماذج البيداغوجية التي حاولت أجرأة المقاربة بالكفايات؛

تحليل الممارسة البيداغوجية والكشف عن مكامن ضعفها؛ §الكتاب المدرسي ومدى مواكبته للتحديات المعاصرة؛

مدى استجابة المؤسسة التعليمية للمتطلبات الاجتماعية وما يفرضه سوق الشغل وعالم الاقتصاد؛

مدى استحضار المناهج والبرامج للإشكالات اليومية التي تعيشها المؤسسة التعلمية بكل مكوناتها ( الاجتماعية، النفسية ، الاقتصادية ، البيداغوجية..)

ومن أسباب ذلك؛

أ- غياب تصور وطني واضح لأجرأة المقاربة بالكفايات في المنهاج الدراسي؛ مما جعل التوجيهات التربوية (الكتاب الأبيض) والكتب المدرسية تتعامل مع هذه المقاربة بأساليب غامضة ومتناقضة أحيانا؛

ب- غياب إطار مرجعي للكفايات يحدد بشكل منظم الكفايات المستهدفة من كل مرحلة تعليمية. ويمكن تعريف الإطار المرجعي للكفايات باعتباره وثيقة مرجعية تحدد بشكل منظم الكفايات المستهدفة في مرحلة معينة من المسار التعليمي؛

ج- غياب إطار مرجعي عملي للممارسات والبيداغوجيات التي من شأنها أجرأة المقاربة بالكفايات؛

المقاربات اللغوية لـ المنهاج الدراسي المغربي

سنقتصر هنا على استعراض مقاربتين أثرتا بشكل مباشر في تدريس اللغات بالمدرسة المغربية منذ أواسط القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، وهما المقاربة البنيوية والمقاربة التواصلية في تعليم اللغات؛

المقاربة البنيوية

ترى هذه المقاربة، التي أثرت في المناهج المغربية إلى زمن قريب، أنّ اللغة ما هي إلا “منظومة من العناصر المرتبطة بنويا للتعبير الرمزي عن المعنى، وأن الهدف من تعليم أي لغة هو التمكّن من عناصر هذه المنظومة، تلك العناصر التي يتمّ تحديدها في صورة  وحدات صوتية، ووحدات نحوية ( مثل البنيات اللغوية والجمل )، وعمليّات نحوية (مثل الزيادة، والنقل، والربط أو العناصر التحويليّة)، ووحدات معجميّة (مثل الكلمات الوظيفية والبنيوية )؛

المقاربة التواصلية

ترى هذه المقاربة أن وظيفة اللغة تتجلى في ثلاثة جوانب أساسية: جانب وظيفي وجانب اجتماعي – ثقافي وجانب تفاعلي؛

كما ترى في اللغة عملية تواصل بين مرسل ومستقبل، بحيث لا يمكن أن تتمّ بنجاح دون اكتساب مهارات التواصل؛

   وبما أن الكفاية التواصلية (أي القدرة على توظيف النظام اللغوي بكفاية وبصورة لائقة في وضعيات تواصلية) هي الهدف والمبتغى وفق هذه المقاربة؛

فإن النماذج الحوارية المقدمة كوضعيات انطلاق لتعلم اللغة ترتكز حول ما يسمى بالأهداف التواصلية؛

المقاربة المتمركزة حول الفعل

هي مقاربة تبناها المجلس الأوروبي ووضع أسسها في وثيقة سميت ب: ”الإطار الأوروبي المشترك لمرجعية تعليم وتعلم اللغات“؛

وتعتمدها حاليا العديد من المناهج الدراسية كمقاربة ديدكتيكية لتدريس اللغات الأجنبية؛

والفكرة الرئيسية التي بنيت عليها المقاربة بالفعل هي الربط بين اكتساب اللغة والواقع الاجتماعي المعيش، بحيث تدمج أفعال الكلام في مهام وأفعال يكون المتعلم قادرا على إنجازها بشكل جيد في سياق اجتماعي مباشر ويومي؛

وفي هذا السياق يشكل القسم الدراسي مجتمعا حقيقيا يكون فيه المتعلم فاعلا أساسيا يتطور لغويا بإنجاز أفعال ومهام تواصلية حقيقية. ولا يكون لهذه المهام والأفعال دلالة، حسب المقاربة بالفعل، إلا إذا كانت مدمجة في مشروع يستند إلى جملة من الأفعال المرتبة حسب مستويات وأهداف تواصلية منطقية ومتكاملة تتيح تحقيق المهام المطلوبة؛

¨إن المنهاج الدراسي المغربي ما زال يواجه مشكلات ديدكتيكية وبيداغوجية عديدة على مستوى تعليم اللغات وتعلمها؛

ومن أهم قصور هذا المنهاج؛

لا يستند إلى مقاربة لغوية واضحة؛ فالمحتويات ترتكز بصورة بالغة على القواعد اللغوية دون مراعاة توظيفها في وضعيات حياتية وفق مبدأ المقاربة التواصلية؛

تقدم المعارف والمهارات المرتبطة باللغة في إطار مكونات دراسية متناثرة وغير منسجمة ولا تلبي الحاجات التواصلية للمتعلم المغربي؛

قدم المنهاج المغربي في جانبه المتعلق بالتعبير الشفوي محاور معجمية ونحوية بأسلوب تقليدي دون تعريف وظيفي وتواصلي لها؛

في حين تتطلب تنمية التعبير الشفوي الاشتغال على فئات متنوعة من الوظائف أو الأهداف التواصلية مثل؛

الطلب، والإنكار، وتقديم معلومات، والشكوى، والوصف … فمدخل الوظائف أساس المقاربة التواصلية؛

6 Comments

  • Your point of view caught my eye and was very interesting. Thanks. I have a question for you.

  • Haha I totally agree with the fist pump about getting some time to myself upon my adopted child entering school. I think you’re right that at times even good friends don’t always give you the message you thought they would. I can’t say that I got this same message from friends and family however I have found a friend whose kids are 12 years older than mine has not been as comforting and willing to commiserate with my trials and tribulations. At first I thought she was being tough on me because I had asked for being a mom, but now realize that her kids are no longer in those same stages and she’s forgotten what it was like. Her husband has told me that she had similar trying times with the kids and very bad days, too. However she has the power of hindsight now and can say oh it will get better. But when you’re in the midst of some trials it doesn’t feel like the person cares. Thanks for the article!

  • 3thoughtlessness

  • essay writing services 2019 https://dissertationhelpspecialist.com/

  • 3enliven

  • 3corroboration

رجاء اترك تعليقا لتجويد الخدمات

فضاء التكوين في مهن التربية